القانون والمجتمع في ليبيا

القانون والمجتمع في ليبيا

تيسّر العدالة في ليبيا من منظور السعاة إليها: تيسّر العدالة لأسر ضحايا الخطف لأجل الفدية، سبها

شهدت سبها -أكبر مدن جنوب ليبيا - على نحو متزايد عمليات خطف لأجل الحصول على فدية منذ 2011. وتركز هذه الدراسة على ثلاث عائلات اختُطف أطفالها لهذا الغرض. ولأن الفدية هدف الجناة الرئيس، فهم يتخيرون ضحاياهم بعناية، وقد يستعينون بمقربين من هؤلاء للحصول على معلومات تمكنهم من قضاء وطرهم مقابل حصة من الفدية. وأولى الحالات التي دُرست حالة أسرة البركولي التي اختطف ابنها محمد وعُلّق الإفراج عنه على دفع فدية قدرها مليون ونصف مليون دينار، ثم اختطف ابنها مصطفى وحُدد مبلغ الفدية هذه المرة بـخمسة ملايين دينار. وثانيها حالة عبد الغني الذي طولب بدفع فدية قدرها ستون ألف دينار مقابل إطلاق سراح ابنه محمد. وثالثها حالة السيدة حليمة التي طلب الخاطفين ثلاثين ألف دينار مقابل تحرير ابنها.

وفي سبيل الضغط على أسر الضحايا لدفع الفدية، انتهج الخاطفون سبلاً من بينها إجبار الضحايا على الحديث مع أهليهم بعد تعذيبهم. وبالإضافة إلى الضرر البدني والمعنوي الذي لحق هؤلاء الضحايا، لحقتهم وأهلهم أضرار اقتصادية واجتماعية.

وكانت رحلة الأسر لتحقيق العدالة مضنية وملأى بالصعاب. وفي حين اشتركت الأسر في المطالبة بعودة اطفالها، أو في حالة السيدة حليمة، عودة جثامينهم، فإن بعضها تمسك أيضاً بوجوب مساءلة الجناة، كما في حالة أسرة البركولي.

وفي حين لجأت الأسر إلى الشرطة، عبرت عن شكوكها في قدرتها على إعادة المختطفين. في سبها، لأنها لا تملك القوة الكافية لملاحقة المجرمين. ودفع هذا أحد الآباء إلى الاستعانة بمجموعة مسلحة للعثور على الخاطفين والإفراج عن ابنه. وقد ذُكر في سياق تسبيب ضعف الشرطة عملهم في بيئة تقوم فيها القبيلة بدور رئيس، يصعب فيه مواجهة القوي منها محلياً، وإن انتمى إليها الخاطفون، خشية الانتقام منهم أو من أسرهم أو قبائلهم. ولكن ذُكر أيضاً أن للقبيلة دوراً آخر إيجابياً، فهي تسهم في حل النزاعات من خلال وسائل مثل الوساطة وعلاقاتها بمؤسسات الدولة.

وفي هذا الصدد، كشفت الدراسة عن أثر ما يعرف بـ "الثقل الاجتماعي" في نيل العدالة، أي تأثير عوامل مثل الانتماء القبلي للمرء، ووضعه الاقتصادي والاجتماعي. فالسيدة حليمة كانت تعوز هذا الثقل، ما أغلق في وجهها السبل، وتعسر معه استعادة ابنها. وفي مقابل هذا، تمتع السيد البركولي بثقل اجتماعي، فهو ثري ينتمي إلى قبيلة قوية، ما أعانه على طلب العون من مؤسسات الدولة والقبائل والجماعات المسلحة، وفي نهاية المطاف استعادة ابنه.

صدر هذا الملخص في التقرير النهائي للمرحلة البحثية الأولى لمشروع تيسر العدالة في ليبيا.